في قيظ الصيف اللاهب،
لا أستنشق هواءً،
بل أبتلع الوهج...
كل نفسٍ أستدرجه من جوف النار،
كأنني أغوص في جحيم لأستلّ منه بقايا حياة.
أتسكّع في الشوارع كالمسحور،
تائهًا في الزحام،
أستجدي من الوجوه ظلّكِ،
ومن العيون طيفكِ،
ومن الأبواب المغلقة همسة تشبهكِ...
أبحث عنكِ في صدفة نظرة،
في عثرةِ خطواتِ المارّين،
أبعثر الليلَ بين أضلعي لعلّي ألقاكِ،
فأنا مُذ فقدتكِ...
لا أعرف غير التيه مسكنًا.
إليكِ...
أبثّ احتراقي،
وأنثر جمر قلبي على قارعة المساء،
أشكو إليكِ سُهادًا أطال مكوثه حتى صار وطنًا.
يا من جمعتِ الضدَّ في طيفها،
في حضرتكِ:
أضحكُ حتى البكاء،
وأبكي حتى الضحك،
فأنتِ نغمةٌ تجهل قرارها،
ومقامٌ لا تُدركه الأوتار.
يا طهارةً تسكن الرمش،
وعفةً تمشي على جمر الأنوثة،
يا قبلتي التي لها ينحني قلبي ساجدًا،
ويا محراب صلاتي حين يخونني الكلام.
أنتِ ما لا يبلغه وصف،
ولا يحدّه خيال،
تُخمدين بي نيران حزني،
وتُشعلين فيّ براكينَ الاشتياق،
تُلبسينني سواد الفقد،
ثم تنقشين على روحي بياض الرجاء...
يا لبّ القلب،
ويا سواد الحدقة،
أهمس لكِ:
أني أحبكِ،
وأنّ العهد في دمي،
لا يغيّره مدٌّ ولا جزر.
حبيبتي...
لستِ أول من سكن القلب،
لكنكِ الأولى التي علّمتني كيف يكون القلب قلبًا،
أنتِ البداية التي محَت ما سبق،
والنهاية التي استقرّت فوق جدار الروح كخاتمة وحي.
أنتِ جرحٌ لا يُرتق،
ولذّة لا تُطاق،
أنتِ السهم المغروس في الخاصرة،
الذي لا يُقتل، ولا يُنتزع،
بل يُبقي صاحبه حيًّا بين موتين.
اسمعي...
كل ما تفعلينه،
وما لا تفعلينه،
يزيدني تعلقًا بكِ،
ويُكثّف في داخلي نارًا من العشق لا تُخمدها مياه الأرض.
فإليكِ آخر الكلام:
أنا على عهد القلب باقٍ،
ما بقي الليل والنهار،
وما ظلّت الأرض تدور.
No comments:
Post a Comment