
قصة فتح سمرقند: أعظم دروس العدالة في التاريخ الإسلامي
في خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز – رحمه الله –، كان القائد العظيم قتيبة بن مسلم الباهلي يجوب الأمصار ناشرًا دعوة الإسلام. وقد فتح الله على يديه مدينة سمرقند، المدينة المنيعة في إقليم بلاد ما وراء النهر.
غير أنّ هذا الفتح تمّ دون أن يدعو أهلها إلى الإسلام أو الجزية، ودون أن يمهلهم كما جرت عادة المسلمين. فما كان من كهنة سمرقند إلا أن أرسلوا رسولهم يحمل شكوى إلى خليفة المسلمين، طالبين منه إنصافًا.
وصل الكاهن إلى عاصمة الخلافة، ورفع أمره إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز، الذي أمر على الفور باستدعاء القائد قتيبة إلى مجلس القضاء. وهناك، وقف الكاهن السمرقندي إلى جوار قتيبة أمام القاضي جُمَيْع.
سأل القاضي الكاهن: "ما دعواك؟"
أجاب الكاهن: "دخل علينا قتيبة المدينة دون إنذار أو دعوة، وباغتنا بجيشه".
التفت القاضي إلى قتيبة وسأله: "هل فعلت ذلك؟"
فأجاب: "نعم، خشيت أن يقاوموا كما فعل جيرانهم".
عندها قال القاضي كلمته الخالدة:
"ما نصر الله هذه الأمة إلا باجتناب الغدر وإقامة العدل."
ثم قضى بإخراج الجيش الإسلامي من سمرقند فورًا، وإعادة المدينة لأهلها، ثم دعوتهم مجددًا إلى الإسلام أو الجزية، قبل أي قتال.
اندهش الكاهن، وعاد سريعًا ليبلغ قومه، فما كان منهم إلا أن خرجوا جميعًا باتجاه معسكر المسلمين، يعلنون إسلامهم طواعيةً، بعد أن رأوا العدل قبل السيف.
ما أعظم هذا الدين!
دينٌ يفتح القلوب قبل أن يفتح الحصون، ويقيم العدل حتى مع الأعداء، فتسلم القلوب طواعيةً لا كرهًا.
No comments:
Post a Comment